مقدمة البحث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المُرسلين أما بعد، لا يوجد أحد هنا لا يعرف قصة الخضرِ التي وردت في القرآن الكريم والتي كان ملخصها أن موسي بن عمران ﷺ التقي بالخضر، بأمر من الله ﷻ وارتحل معه في ثلاثة أماكن. البحرِ علي متن سفينةٍ وقريةٌ قُـ.ـتـ.ـل بها غُلام و قرية بُني بها جدار. هذهِ هيَّ القصة الشهيرة والمتفق عليه، ولكن هناك الكثير مما دار بين علماءِ المسلمين وغيرهم علي عصره وتفاصيل حياته و اسمُه و نسبِه، و لم تقتصر علي اراء بل إن الخضر ذُكر في الاديان السماوية الثلاثة.
قيل انه أعلم أهل الارض، علم الأنبياء والرسل، وقيل إنه يعيش حتي يومنا هذا منذ الآف السنين، أختلف اراء جميع من قرروا ان يدرسوا حياته فهل هو احد الأولياء الصالحين أم نبي أم ملاك وهل هو حي إلي اليوم أم وافته المنية منذ زمن بعيد؟
نبدأ أولًا بذكر ما اتي عن الخضر في الاديان السماوية الثلاثة بالتفصيل و ثانيًا ننظر في احاديث رسولنا الكريم ﷺ وآراء علماء الدين، بعد ذلك نبدأ بشرح الاقاويل التي دارت حول ذلك العبد الصالح و في نهاية بحثِ بإذن الله تعالي أترك لكم المصادر..
الخضر في اليهىودية "التـ.ـوراة والتىلمود"
إنَ الخضر يسمى في اليىهودية "إلياس" ويعتبر في اليهودية أيضا نبيًا، وموسى في اليىهودية هو «يوشع بن لاوي». تبدأ الرواية التلمودية بطلب يوشع من الله أن يلتقي بإلياس وبالفعل يلتقي يوشع بإلياس ويترجاهُ أن يُطلعه على ما أوتي من علمٍ، وبعد إلحاحٍ وإصرارٍ يوافق إلياس ولكن بشرط ألا يسأل على شيءٍ. ينطلق الرجُلان في مسيرهما ويدخلان بيتًا أهلّه كرام و أكرموهم كثيرًا وفي ذلك البيت لا يوجد سوى بقرةٍ يصرف بها رب المنزل امور أسرته، أمر" إلياس" الرجل بـ.ـذبـ.ـحِ البقرة والتصدق بها ففعل. مما دفع ذلك «يوشع بن لاوي» بالسؤال عن السبب فيذكره إلياس بالشرط. يُكملا الرجُلان مسيرهما فيصلا إلي بيتِ رجلًا غنيًا، وفي هذا البيتِ يقوم إلياس بترميم جدارٍ آين للسقوط، ثم يصلا إلي قريةٍ يستقبلهما أهلها بازدراءٍ وقلة احترام، فدعا إلياس ربه أن يُصلهما جميعًا إلي الرئاسة، ثم يدخلان قرية كانت نقيض الأولي حيثُ الإحترام والأدب إلا أنَّ إلياس دعـا لواحدٍ فقط أن يصلَ إلي سُدة الرئاسة.
بالطبع «يوشع بن لاوي» كان مستغربًا ويسأل عن كلِ أمر، حتي وصلا القرية الاخيرة فكان السؤال الأخير ليبين بعدها إلياس إلي يوشع مالم يستطع فهمه، فقال: أما عن البقرة فكانت بنية الصدقة لزوجة الرجل المريضة والتي كانت ستموت إن لم يتصدق الرجُل بالبقرة. أمَّ عن ترميم الجدار فأسفله كنز يجب أن يُحافظ إلي غلام يتيم، وأمَّ عن القرية التي تمت بها معاملتهم بازدراء، فكان القصد الدعاء لله ﷻ أن يصلوا جميعًا إلي سُدة الرئاسة ليتخبطوا فيما بينهم و ألا يتفقوا علي أمر، وأما عن القرية الأخرى فإن وصول شخص واحد إلى سُدة الرئاسة كفيلًا بصلاح أحوالهم وتنظيم أمورهم، بالطبع بعدما أخبر إلياس يوشع بالتفسيرات افترق كلا منهما لعدم التزام «يوشع» بالشرط.
تقول الرواية أن إلياس عاش في زمن «آحاب» ملك إسرائيل والذي كان متزوجًا من «إيزابيل» ابنة «إيتوبعال»، إيزابيل كانت عابدةٌ للأصنام ونقلت أصنامها معها إلى أرضِ فلسطين بعد زواجها من آحاب، هذا الأمر أغضب «إلياس» وخصوصًا أن المتعبدين للإله الواحد كان يضطهدون ويطاردون بأمر من «إيزابيل» و«آحاب». قاد إلياس ثورة ضد «آحاب» وتنبأ له بالجفاف الشامل في بلاده قصاصًا من الرب على عبادة الأوثان، وبالفعل ضربَ الجفاف الأرض واختفى إلياس، اختفى إلياس في مسقط رأسه شرق الأردن حتى مضى على الجفاف ثلاث سنواتِ، بكى وتضرع خلالها شعب آحاب إلى الله ليُنجيهم فأرسل الله إلى إلياس يأمره بالعودة ومُواجهة أحاب. عاد إيليا (إلياس هو نفسه إيليا فهناك من يقولون إيليا وهناك من يقولون إلياس) عاد إيليا مواجهًا «آحاب» الذي ظل كما هو ظالمًا طاغيًا، طلب منه إيليا أن يجمع له آلهتهم و أنبياؤه وكان عددهم ربعمائة وخمسون، ويجمع شعب إسرائيل إلي «جبل الكرمل» ثم طلب ان يؤتي بثورين ويوضع حطب تحتَ كل ثورٍ دون نار.
ثم طلب إيليا مما يسميهم سفر الملوك «أنبياء البعل الأربعمئة وخمسون» أن يدعوا اصنامهم لتوقد النار، و سيقوم إيليا بدعوة ربه الواحد الأحد ليوقد النار وبالفعل هبطت نار من السماء علي ذبيـ.ـحة إيليا لتأكل المحرق والحطب والحجارة والتراب. بحسب هذه الرواية تَخلص إيليا من انبياء البعل بقتلهم جميعًا في «جبل الكِرمل» وفي هذه المكان شُيد دير سُمي «دير المحرقة» وفي ساحته ينتصب تمثال يمثل النبي إلياس وهو يدهسُ على رقبة أحد الكهنة ويشهر سيفه بفخرٍ.
الخضر في المسىيحيّة (انجيل متي- الكتاب المقدس):
في المسيحية نجدُ تضارب حول شخصيةُ الخضرِ، وبالطبع ليس هناك ذكرٍ لاسم الخضر.
و ما ورد في انجيل مَتَّى: أنَّ إلياس أو إيليا المذكور في الأسفار القديمة قد تجسد في هيئة يوحنا المعمدان.
رواية اخري: إن «مارجرجس» هو احد أشهر القديسين في العالم المسيحي ويُحتفل به في 23نيسان من كل عام، مارجرجس ولد في كبادوكيا في تركيا عام 275ميلاديًّا. بحسب الرواية فإن مارجرجس التحق بجيش القيصر الروماني «دوقليانوس» ولكن عندما رأي ما يتعرض له المسيحين من وحـ.ـشـ.ـيةٍ واضـ.ـطـ.ـهـ.ـادٌ، رفض المشاركة مع الجيش الروماني واعتنق المسيحية وانتهي به الأمر مقطوع الرأس في 23 نيسان عام 303م، ليصبح بعد ذلك قديسـًا وشفيعـًا في المسيحية.
إحدى الروايات التي تتحدث عن قداسته (المزعومة)، البعض آمن بها وصنفها الجزء الأكبر علي انها مجردُ اسطورة.
تنصُ الرواية علي ما يلي أن سكان إحدى المدن وقد اختلف المؤرخون في تحديدها فمنهم من قال بيروت بلُبنان ومنهم من قالوا في الُد في فلسطين ومنهم من قال في كبادوكيا في تركيا و آخرون ذهبوا بالقول بأنها وقعت في مدينة سيريني بليبيا وبالطبع هذا الاختلاف في سرد الأماكن كان في القرون القديمة. يقال ان هؤلاء السكان عانوا من تنين يخرج كل فترة فيهاجمهم ويأكل منهم من يريد أكله، فستقر رأي أهل ذلك المكان علي تقديم فتاةٌ جميلةٌ من فتيات المدينة كهدية للتنين كل عام وذلك بالقرعة بينهم، و في إحدى السنوات وقعت القرعة علي ابنة حاكم المدينة، هذهِ الابنة كانت مسيحية مؤمنة بشدة، فلما وصلوا بها إلي مكان تقديم القربان توسلت إلى الله أن ينجيها، فتجسد لها مارجرجس علي حصانه وفي يده حربة مسننة، فلما اطل التنين برأسه من الماء و هم ان يبتلع الفتاة باغته مارجرجس بحربته وقـ.ـتـ.ـله، لينشد والد الفتاة في مكان مقتل التنين كنيسة.
إن اصحاب الاختصاص يقولون أن هذه الواقعة ليس لها اصل من الصحة ويؤكدون أن جميع الكتب القديمة التي تحدثت عن مارجرجس لم يُذكر فيها هذه الرواية، وأن تلك الرواية وضعت من قبل قساوسة مُحرفين مُتعصبين.
أمَّ عن الأسباب التي أدت إلي ربط مارجرجس بالخضر فإنها تعود إلي اكثر من 1000 سنة حيث ذكر المسعودي في كتابه (مروج الذهب) تفصيلًا عن مارجرجس و ذكره الطبري في كتابه (تاريخ الرسل) وغيرهم الكثير الذين تناولوا قصة مارجرجس؛ كما تناوله العديد من القساوسة المؤرخين علي انه صاحب موسى او النبي الذي ارشد موسى عليه السلام وهو ما ذكر في الاسفار القديمة «إيليا» وهذا ما دفع الي الربط بين شخصية الخضر ومارجرجس.
«الموحدون الدروز»: يعتبرون الخضر من اعظم و انبل الشخصيات، بل هو شخصية مقدسة عندهم يُكن «ابو ابراهيم». و يُحتفل به في ال 25من كانون الثاني من كل عام بعيدٍ، يقومون بزيارة مقام الخضر (المقام ليس بضريح فالمقصود بالمقام هنا جميع الامكان التي وطأتها قدم الخضر). عند الدروز القصة لإيليا تتشابه كثيرًا مع القران، و الذي لفت النظر كُثرة المقامات التي يبلغ عددها بأكثر من 70 مقام في بلاد الشام. منها مقام الُد، دير البلحة، الخضر الاخضر في صبرين في حيفا، الخضر في مدينة بعلبك بلبنان وغير ذلك الكثير. جديراً بالذكر أن الخضر حسب الموحدون ما زال حيًا.
الخضر في الديانة الإسلامية (القران الكريم).
يُعد موضوع الخضر من أكثر المواضيع الجدلية بين كل المذاهب الإسلامية، تعددت الطُرحاتِ حول من هو الخضر وحول نسبِه.(دون نقد من تجاهي لأي رأي من الاراء سأقول ما قيل سابقًا نصًا وسيكون النظر في مدي صحةُ الاراء فيما بعد). قال الحافظ بن كثير في كتابه (البداية والنهاية) أنَّه الخضرُ بن قابيل بن آدم و قيل أنَّه «بليان بن ملكان بن فالغ بن شالح بن سام بن نوح عليه السلام». وقيل انه «المعمر بن مالك بن عبدالله بن نصر بن الازد» وقيل أنَّه «خضرون بن عماييل بن معمر بن إسحاق بن إبراهيم الخليل». والبعض قال انه من سبط النبي هارون اخ النبي موسي بن عمران والبعض قال انه بن بنت فرعون موسي. وسبب تسميته بالخضر إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء. وكنيته هي أبو العباس و في القران سُمي بالعبد الصالح وهذا ما اجمع عليه اغلب جمهور علماء المسلمين.
الموضوع الآخر والمتفق عليه وهو قصته مع النبي موسى التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة الكهف..
مختصر القصة المعروفة بحيث أغلب ما أوردتها كتب المفسرين. أن موسى عليه السلام كان يخطب يوما ببني إسرائيل وعندما انتهى من خطبته سأله أحد الحاضرين، هل هناك أحد أعلم منك فقال موسى لا، خوفًا من أنه إن قال نعم لا يتبعه قومه او لا يستمعوا لكلامه، إن هذا الأمر أغضب الله ﷻ فكيف لموسى أن ينسب العلم لنفسه وهو العالم بكل شيء. فأوحى الله إليه إنه يوجد من هو أعلم منه، وجعل علامة مكانه ارتداد الحياة إلى الحوت الذي أخذه موسى من البحر هو و تلميذه «يوشع بن لاوي» عليه السلام.. ينطلق موسى وتلميذه ومعه الحوت في رحلة طويلة جدًا للبحث عن العبدُ الصالح كما سماه القران، لينسيا الحوت بجانب صخرة كان قد ناما عليها، فلما تذكر فتى موسى الحوت أخبر موسى بالأمر، فعادوا حيث أخبر الفتى موسى بمكان ضياع الحوت ليجده حيا في الماء وفي مكان الصخرة رجلًا جالس. عرف موسى عليه السلام أن هذا الرجل هو مبتغاه. فعَّرفه على نفسه وطلب منه أن يصطحبه معه ليتزود من علمه.
الخضر في بداية الأمر رفض وأخبر موسى إنه لن يستطيع معه صبرا ولكن مع إلحاح موسى عليه السلام.. قبل الخضر ولكن بشرط ألا يسأله موسى عن شيء من تصرفاته، وبالطبع كانت أول حادثة هي خرق السفينة التي أقلتهما، والثانية قـ.ـتـ.ـل الغلام الذي أثار استنكار موسى عليه السلام فنال التنبيه الثاني من الخضر، والثالثة كانت إصلاح الخضر للجدار في القرية البخيلة التي رفضت استقبالهما وإطعامهم، وسأل موسى أيضا عن هذا الأمر فقال له الخضر أن هذه كانت فرصته الأخيرة وسوف يخبره بتأويل الأحداث الثلاثة، أمَّ عن تفسير السفينة فكانت لمساكين وكانت وراءها ملك ظالم يأخذ كل سفينة صالحة فأراد الخضر أن يعيبها لكي لا يأخذها الملك، أمَّ الغلام فكان والداه صالحان والغلام كان سيكبر ويصبح طاغـ.ـيًا كافرًا فأراد الخضر أن يقيهما شره وعسي ان يبدلهم ربهم خيرًا، أما عن الجدار كان لغُلامين يتيمين وكان أبوهما رجلا صالحًا فأراد الخضر أن يصلح الجدار حتى يبلغَ سن الشباب ويشتد عودهما ويستخرجا الكنز الخضر أردف تأويل ما حدث بأنه لم يفعل هذا من تلقاء نفسه بل من ما اوحى الله إليه.
وهذا ما يدفعنا إلي النقطة الجدليّة الأخرى التي اثارت النقاش بين جمهور علماء المسلمين. موضوع نبوءة الخضر موضوعٍ لم يحسم أمره الي اليوم وعليه خلافات كثيره فالبعض قال إنه نبي وذلك بأن الله أوحى إليه بما فعل في رحلته أي إنه يوحى إليه وهذا من خصائص النبوءة وكذلك معرفته بأمور الغيب بإذن الله تعالي وهي من معجزات الأنبياء، والبعض قالوا أن الخضر نبي غير مرسل وآخرون قالوا بأنه كان رسولًا واستجاب قومه لدعوته، كما ورد في بعض الكتب أيضا إنه عبدًا صالح أوتي الحكمة والعلم من الله تمامًا كما صاحب الكتاب «آصف بن برخيا» الذي قيل أنه من أتى بعرش بلقيس إلى سيدنا سليمان عليه السلام. لذلك لم يتم حسم نبوءة الخضر من عدمها وبالأخص لعدم ورود نصًا صريحا في القرآن أو في أحاديث رسولنا الكريم ﷺ. هذا ما يتعلق بقصته ونسبه.. والآن حقيقة انه ما زال حيًّا عند بعض علماء المسلمين ايضاً!
هل الخضر ما زال حيًّا حسب علماء المسلمين؟
أختلف علماء المسلمين في هذا الأمر فالبعض يقول بأنه ميت، وغير حي ويستدلون عن هذا الأمر من عدة نقاط أبرزها آية من سورة الأنبياء {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ} كما أنهم يقولون بأن الخضر لو كان حيًّا في زمن بعثة النبي محمد ﷺ فإنه سيأتي النبي ويبايعه وينصره وفقًا لميثاق الأنبياء {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ}. ولكن مع ذلك لم يقدم أحدًا دليلًا علي وفاته. البعض الآخر من العلماء يؤمنون بحياته بل وورد في بعض الكتب أن أربعة من الأنبياء أمان لأهل الأرض (اثنان في السماء إدريس وعيسي و اثنان في الأرض الخضر وإلياس) فإن الخضر فالبحر و إلياس في البر.
وكذلك حديث بن العباس (نسيء للخضر في أجله حتي يكذب الدجال).
أما بالنسبة لسبب تعميره فهو لسببين ضعيفين:
- السبب الأول: أن الخضر كان علي مقدمة جيش ذو القرنين و كانوا من الذين ساروا معه إلي عين الحياة وهو الشخص الوحيد الذي استطاع الوصول إلي عين الحياة والشرب منها لذلك حصل علي الخلود والتعمير.
- السبب الثاني: هو سبب فيه العجب، حيث ذكر في أكثر من كتاب لأكثر من مفسر. بحسب ما ورد في مختلف الكتب أن الخضر من صلب آدم المباشر أو من أبناءه اللذين عاشوا بعده، تبدأ القصة حين جاءت منية آدم ﷺ، حينه أخبر بنيه أن الطوفان سيقع بالناس و اخبرهم ان يحملوا جسده في السفينة بالطبع حصل الطوفان في زمن سيدنا نوح عليه السلام و حُمل جسد آدم علي متن السفينة الشهيرة، فلما رست السفينة في مقرها وهبط ركابها إلي الارض، طلب نوح من أبناؤه أن يأخذوا جسد آدم ويدفنوه إلا انهم هابوا وحشة هذا الأرض الجديدة، واخبروا نوح بخوفهم هذا فأخذ نوح يحثهم علي تلبية طلب أبيه آدم واخبرهم أنَّ آدم عليه السلام دعا لمن يدفنه بطول العمر ومع ذلك لم يحرك أحدًا منهم ساكنًا، وظل الجسد دون دفن حتي أتي خضرون بن قابيل بن آدم وقام بدفن الجسد الشريف فأنجز الله ﷻ وعده، أن هذا الرجل هو الخضر.
ملاحظات على الشريعتين والديانة الإسلامية:
أولًا: هذه تحقيقٌ وتحليلٌ لما تحدثنا عنه سابقًا.
يُعتبر في اليهودية نبيًا هذا ما أتفق معه القران الكريم، ولكن لم يتفق على أن يوشع بن لاوي هو موسى بني إسرائيل نفسهُ.
هذا ما يهمني في الرواية اليهودية الأولي، أمَّ عن القصة التي ذكرت في التوراة فلامسها بعض التحريفات، مع أن الأحداث لم تختلف ولكن القران الكريم ذكر انها سفينة ثم غلام ثم جدار، وليس بيتٍ وثلاث قرى.
نأتي إلي الرواية التلمودية الثانية، والتي وردت في سفر الملوك الأول:
تقول أنَّه عاش في زمن آحاب ملك بني اسرائيل. أي تقصد الرواية تحديدًا أحاب بن عمري ملك اسرائيل، والذي تواجد في القرن التاسع قبل الميلاد، وكان لديهِ من الأولاد عثليا و أخزيا و يهورام. وكانت زوجته العاهلة إيزابيل ابنة إيتوبعال. كنتُ أود أن أكمل تحقيقي ولكن هذا سيكون بلا جدوي، ما أريد الوصول إليه هو الخضر الذي رافق موسى بني إسرائيل، وليس شخص لا أحد يعلم من هو، تواجد في القرن التاسع قبل الميلاد وهذا ليس زمن موسى عليه السلام. الخلاصة ان الرواية التلمودية مثلها مثل البقية منها، قام بتأليفها أحبار اليهود.
ثانيًّا: التحقيق والتحليل الثاني لما ورد في الشريعةِ المسيحية
بالطبع لا تخلوا كُتب المسيحين المقدسة (في نظرهم) من التحريفات من الأحبار أيضًا، فيقولون أنَّ إلياس أو إيليا قد تجسد في هيئة يوحنا المعمدان، وهذا ليس بأمر غريب منهم فما كنت اتوقع شيءٍ ممن يقولون علي المسيح «اليسوع»، أو أن اليسوع ابن ﷲ.
أما عن قديسهم مارجرجس الذي قطع دوقليانوس رأسه. ففي الرواية التي تتحدث عن قداسته
أنَّه ظهر من العدم (وهزم تنين يخرج من الماء).
أولًا: لا يوجد شيء يدعي تنين، إن التنين كائن أسطوري ليس له وجود و إلي الآن لم و لن يتم العثور علي حفرية واحدة لتنين لأنه ليس له وجود. من حدثني عن هذه الرواية عندما عارضته بحُجة انها محض خرافات، قال لي ان المقصود هو «تنين الكومودو»! وكيف يكون لكومودو الخروج من البحر كل عام! و من المعروف أن الكومودو يعيش في الغابات المنخفضة و بعض المراعي المفتوحة علي الجذر البركانية في إندونيسيا، فهو من سكان الموائل الطبيعيَّة الجافَّة والحارَّة.
أيضًا قِيل أنه يخرج ويلتهم من يريد إلتهامه ويعود مرة؟ إن قلنا أن الكومودو يعيش في الماء ويلتهم من يريد إلتهامه وليس من هو قريب من البحيرة؟ فهل تقول أن الكومودو كان يتجول في المدينة ويدق الأبواب ليستأذن أهل المدينة في التهامهم؟ معذرةٌ ولكن العقل الذي سيقبل ما ورد في المسيحية المُحرفة لا تختلف عن عقلية عبدة الأوثان في شيء.
«والآن انتهينا بالتحقيق في الشريعتين؛ وكان الملخص هو قول التوراة بأن الخضر نبيًا، أما عن الباقي في التوراة وكل ما ورد في المسيحية فغير حقيقي». في الجزء الثاني نتعرف على الخضر ونسبه ونبوته وخلوده.
بحث عن الخضر وآثاره: الجزء الأول
بحث الخضر الجزء الثاني من هنا
بحث وإعداد: محمد رمضان.